
ما يحمله الغد من تطورات ومفاجآت أمر لا يمكن التكهن به، إلا أن التطلع إلى الأمام والتفكّر في الخطوط العريضة للواقع بما يمكنانا من التعرف إلى ملامح المستقبل ورصد الفرص والتحديات التي سيأتي بها، يظل مسؤولية كبيرة ندرك أهميتها ولا نتهاون في تحمّلها كاملة.
أربعون عاماً من المثابرة والعمل الجاد، مكّنت الإمارات من تحقيق العديد من الإنجازات المشرفة، رُسخت معها قواعد ازدهار اقتصادي أكسبنا مكانة عالمية مرموقة، وفتح أمامنا نوافذ عديدة على مستقبل حافل بالفرص والنجاحات.
إن العالم يمرّ حالياً بمرحلة تحوّل قوية ربما تكون الأعمق تأثيراً على مدار القرن المنصرم، وأن هذا التحوّل يحمل إرهاصات انتقال مركز الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الأسواق الناشئة، ويبشّر بصعود أسواق تجارية جديدة في العالم.
أنا على ثقة في أن الأسواق الناشئة ستشكل اعتباراً من وقتنا هذا وحتى حلول العام 2050 المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي العالمي، وأن التدفقات التجارية ستصبح أكثر ترابطاً ونشاطاً بوتيرة غير مسبوقة، إضافة إلى زيادة مرونة ونطاق حركة السلع والخدمات وكذلك الأفراد عن أي وقت مضى.
إن الإمارات تنظر إلى التوجهات العالمية الحالية نظرة إيجابية، في الوقت الذي تعي فيه أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية والتقاليد العريقة في خضم سعيها الجاد لتبنّي الفرص الواعدة التي يحملها المستقبل لشعبنا وبلادنا.
إن موقع دبي الجغرافي المتميز كمركز تجاري متوسط في منطقة الشرق الأوسط وآسيا ونقطة ربط مع مناطق بعيدة، مثل أمريكا اللاتينية وأفريقيا وغيرهما من بقاع الأرض، يشكّل حافزاً لعالم جديد، يقدم مزيداً من الفرص التجارية والتدفقات الاستثمارية، وللقطاع التجاري بجانب الاقتصاد القائم على المعرفة أهمية، باعتباره المحرك الرئيسي للنمو المستدام.
الاستثمار ليس مقتصراً فقط على مشاريع البنية التحتية، وإنما على نطاق أشمل يضم قطاعات حيوية عدة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، مع الاهتمام بحفز معدلات التنمية عبر تشجيع ثقافة البحث والتطوير والابتكار.
بلادنا ملتزمة ببناء بيئة مستدامة تدعم نموها الاقتصادي، وذلك انطلاقاً من رؤية مستشرفة للمستقبل بما يحمله من تحولات في موازين القوة الاقتصادية العالمية لصالح الأسواق الناشئة، تزامناً مع ظهور أسواق ناشئة جديدة.
مبادرتي "اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة"، هي ُبرهانٌ عمليٌ على التزام الدولة بتنويع مصادر الطاقة وكذلك الحفاظ على البيئة، في الوقت الذي تعمل فيه البلاد على تعزيز قدراتها التنافسية والاضطلاع بدور محوري كمركز رائد لتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء.
دبي مستمرة على نهجها في رصد أفضل الفرص المستقبلية في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، ومضيها قدماً في توطيد علاقاتها الإستراتيجية واستحداث روابط تعاون جديدة من شأنها منح زخم قوي لتوجهاتها التنموية، سواء خلال العقد الحالي أو عبر العقود التالية.