
عبّر الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع، في كلمة رثاء وتأبين، عن صدق مشاعره في الذكرى الأولى لفقدان الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وقال سموه في كلمته التي عنْونها بـ "زايد.. حاضر فينا":
زايد.. الحاضر فينا
نحيي اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأب البار بأبنائه والمحب لشعبه وأمته، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
واليوم يمتزج إيماننا بقضاء الله وقدره بمشاعر فخرنا واعتزازنا وإكبارنا لصاحب الذكرى، الذي كرّمه الله في حياته بحب الناس والتفافهم حوله، وكرّمه وكرّمنا في مماته بخلود اسمه بين القادة الأفذاذ والمصلحين الكبار، سمعة عطرة وصيتاً ذائعاً ورمزاً باقياً للعمل الصالح الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض.
وها نحن مع فجر كل يوم جديد، نستيقظ ومعنا الشيخ زايد بنهجه وسيرته ووصاياه، نحس بروحه بيننا، ونشعر بمظلته فوق رؤوسنا، وبأفكاره تمدنا بالعزم والتفاؤل، وبصوته يحثنا على العمل وفعل الخير وطلب المعالي، وحين نخلو لأنفسنا يشاركنا الخلوة كأنما هذا الشيخ الجليل الساكن في الضمائر والراقد في الأفئدة مركب من كل النفوس.
بعد عام، وبعد عشرات الأعوام، وإلى أن يشاء الله، ستبقى ذكرى الشيخ زايد وسيرته سائرة بين البشر وخالدة في التاريخ، ليس فقط لإنجازاته المشهودة كقائد فذّ وبانٍ مؤسس وزعيم حمل أمته العربية والإسلامية في قلبه، بل أيضاً لأن فيه الشيء الكثير من سجايا السلف الصالح، فالشيخ زايد من قلة قليلة من الزعماء الذين لم تزدهم الزعامة والإنجازات والجاه والثروة إلا إيماناً بالله واقتداءً برسوله في حب الخير وسلامة القلب وطهارة اللسان وعفة النفس ولين الجانب وبذل المعروف وإغاثة المحتاج والشجاعة في الحق ونصرة المظلوم وممارسة عفو القادرين وتسامح الكرماء وصفح الأقوياء وتواضع الكبار.
وإذ يخفف حضوره فينا بنهجه وسيرته وأبنائه غياب جسده عنا، فإن أمته العربية وعالمه الإسلامي يفتقدانه اليوم أيما فقدان، فقد غاب معه صوت الحكمة في وقت زادت فيه الأحوال اضطراباً، وغاب الرأي الشجاع في وقت زادت فيه القضايا التباساً، وغابت المبادرات الخلاّقة في وقت تزداد فيه الطرق انسداداً.
في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشيخ زايد ندعو له ونترحم عليه ونلتف حول الباقي الكثير منه فينا، ونحمل إرثه في ضمائرنا وعقولنا وننقله لأبنائنا وأحفادنا، ونزرعه غرساً مثمراً تفيد منه وتضيف إليه الأجيال الآتية في وطن زايد وشعب زايد.
ويا سيدي الغائب الحاضر، لقد أفضت علينا بكرمك في حياتك وفي مماتك، ورفعت شأن بلادنا بين الناس، وأعليت رايتنا بين الأمم، ومنحتنا الأمثولة والقدوة.
ويا سيدي الغائب الحاضر، لقد أفضت عليّ بكرمك، فكان لي والدان، راشد وزايد، وليس بعد هذا الشرف شرف.
وأكرر في ذكراك ما كنت رددته مرة من قبل:
خيالك في عيني
وصوتك في أذني
ومثواك في قلبي
فأين تغيب؟
نضر الله وجهك، وشكر صالح سعيك، وأنعم عليك برضوانه ونعيمه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.