
وفيما يلي نص كلمة سموه:
"إنه لمن دواعي سروري الترحيب بالضيوف الكرام.. ورؤية رؤساء قطاع الأعمال من حول العالم يجتمعون هنا في دبي.. وأتمنّى لهم موفور النجاح في مؤتمرهم.
الجميع يعلم أن العالم قد واجه فترة ركود وتراجع أثناء الأزمة المالية العالمية.. إلّا أنه يسرّني اليوم القول بأن دبي والإمارات العربية المتحدة قد تخطّت بنجاح هذه الأزمة وأن دبي انطلقت إلى الأمام من جديد.
إن النجاح الذي تحققونه أنتم هو نجاح لدبي أيضاً.. وأودّ بعد الترحيب بكم أن أروي لكم بعض القصص عن دبي.. عن ماضيها وحاضرها الذي تشاهدونه بأعينكم اليوم.
أولاّ.. أودّ أن أبدأ الحديث عن هذا المكان الذي نحن فيه اليوم. لقد قدّم لي مجموعة من المسؤولين رسماً تخطيطياً لمركز تسوّق وبعض البنايات المحيطة به.. وكانت كلماتي لهم "فكّروا أكبر". وأخذ الأمر مداولات ونقاشات لعدّة أيّام... وها أنتم ترون ما أفضى إليه المخطط..
"دبي مول" هو أكبر مركز للتسوّق على مستوى العالم.. وبرج خليفة هو أعلى برج في العالم. وكما هو بادٍ للعيان.. حول "دبي مول" وبرج خليفة العديد من البنايات والمرافق التي تجعل من هذه المنطقة مدينة مصغّرة ومتكاملة.. كلّ هذا لأننا قرّرنا أن "نفكّر أكبر".
عندما كنت صغيراً.. اصطحبني والدي إلى جبل علي، وكانت المنطقة آنذاك عبارة عن رمال وبحر... نزلنا من السيّارة ومشينا على الرمال. التفت إليّ والدي وقال: "يا محمّد.. سأبني هنا أكبر ميناء في العالم". كنت صغيراً ولم أقل شيئاً.. إلّا أن صديق والدي ومرافقه قال "يا شيخ راشد.. لدينا ميناء راشد الذي يغطّي حاجة مدينة دبي. فلم الحاجة لميناء ثانٍ؟"
فأجابه والدي.. "يجب أن نمتلك رؤية للمستقبل.. اليوم ميناء راشد يكفي دبي.. ولكن ماذا عن المستقبل؟".
فسأل صديق والدي.. "لكن.. لمَ نبنيه اليوم؟"
فكان جواب والدي "لأن بنائه اليوم سيكون أقلّ تكلفة من بنائه مستقبلاً".
وها هو ميناء جبل علي.. أصبح من أكبر موانئ الحاويات على مستوى العالم.
وبالحديث عن ميناء جبل علي.. عندما بدأت شركات بناء السفن العالمية ببناء سفن عملاقة لنقل الحاويات قبل عدّة سنوات.. وبحكم العلاقة التي تربط إدارة ميناء جبل علي مع شركات خطوط الملاحة البحرية العالمية.. نصحت هذه الشركات إدارة الميناء بعدم زيادة عمقه وتجهيزه لاستقبال هذه السفن العملاقة.. لأنه لا يقع ضمن خطوط الشحن العالمية التي تمرّ بها هذه السفن.
ولأن موانئ دبي العالمية تدير 60 ميناءً على مستوى العالم.. قلت لهم.. لا. علينا تجهيز الميناء لاستيعاب هذه السفن العملاقة لنقل الحاويات وسوف نقوم بإحضارها هنا إلى دبي.
اليوم.. يستقبل ميناء جبل علي هذه السفن العملاقة وغيرها من سفن الشحن على اختلاف أحجامها التي تأتي إلينا من جميع أنحاء العالم.
هذه قصّة ميناء جبل علي.
أما بالنسبة لطيران الإمارات..
جوبهت فكرة إنشاء شركة طيران تخدم دبي بالقول إنّها غير ضروريّة وأن سماء الخليج مفتوحة.. وتعرّضت دبي لضغوط شديدة من دول الجوار لثنيها عن المضي قدماً في هذه الفكرة.. وعندها قرّرنا تأسيس طيران الإمارات.. واقترضنا آنذاك 11 مليوناً للبدء بالشركة التي بدأت بطائرتين.. وسدّدت الشركة قرضها بنجاح في العام التالي.
اليوم.. طيران الإمارات تعدّ من أكبر شركات الطيران على مستوى العالم وأفضلها..
من جانب آخر.. وعندما اندلعت الحرب في منطقة الخليج.. وجدنا أنفسنا في وسط منطقة حرب ونزاع.. أي لا تستطيع السفن النفاذ لموانئنا ولا تستطيع الطائرات التحليق في سمائنا إلا بتصريح من أعلى المستويات.. وعندها جاءني أحمد بن سعيد ومسؤولو إدارة الموانئ متسائلين ماذا عسانا أن نفعل والسفن والطائرات ترفض المجيء إلى هنا لارتفاع تكلفة تأمينها إلى أرقام خياليّة؟
قلت لهم.. لديّ الجواب.
سنقوم نحن بتأمين جميع السفن والطائرات القادمة إلى دبي..
وبالفعل.. بدأت السفن بالعودة وإفراغ حمولتها في سفن شحن أصغر لخدمة دول الخليج المجاورة.. ورجعت الطائرات إلى حركتها المعتادة.. وهكذا عبرت دبي هذه الظروف الصعبة.
نحن نطمح لأن نكون في المركز الأوّل دائماً.. لأن من في المركز الثاني يجهله الجميع.
أنتم وصلتم لمراكزكم نتيجة مثابرتكم وتفكيركم الإيجابي.. والتفكير الإيجابي هو الخيار الصحيح دائماً.. إن ساوركم الشك.. فإن الفشل سيكون النتيجة.. وإن لم تتعلّموا كل يوم.. فأنتم لستم قادة.. وسترون أن العالم سيمرّ عنكم دون أن يلتفت لكم..
لذلك علينا أن نتعلّم في هذه الحياة.. وعليكم وضع أهداف سقفها السماء.. والسعي لتحقيقها بكلّ ما أوتيتم من عزم.
هذه الكلمات تلخّص الفكر الذي تحمله دبي.. فنحن مصمّمون على نيل المركز الأول..
وأنا مسرور لتواجدكم اليوم بيننا.. ولن أطيل عليكم.. وشكراً.
الاثنين 22 أكتوبر 2012