
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أهدانا إلى سواء السبيل، وأرشدنا إلى دروب الخير.
السيدات والسادة، السلام عليكم..
في بداية كلمتي أحب أن أشكر أولاً جيل المستقبل، الآلاف من الطالبات والطلاب الذين ساهموا في حملة العطاء، متطوعين ومساهمين فيها، فشكراً لكل الطلاب الذين شاركوا.
كذلك، أتوجه بالشكر لفريق عمل حملة العطاء على جهودهم، فشكراً لفريق العمل، وكذلك أشكر كل الشركات التي ساهمت في هذا، والتجار والأفراد، فشكراً للجميع.
أنا صراحة، أعرف مجتمعنا بأنه مجتمع طيب، وأنه مستعد أن يعطي، ولكن كانت مفاجأة سارة. أنا أعرف كثيراً من مجتمعنا الذين هم يتكلمون بالإنجليزية، وأعرف أنهم يعطون ويبادرون، ولكن كانت مفاجأة سارة أن أعداداً كبيرة لم أكن أعرفهم ظهروا على الساحة وتبرعوا في هذه الحملة، وأشكرهم.
نحن ركزنا على التعليم، لأن أهم شيء هو التعليم، ربما تطعم الجائع لكنه سيجوع مرة ثانية، إذا أطعمنا الجياع من الأطفال سيجوعون، لكن إن شاء الله، نحن نطعم ونعلم حتى يغتنوا بأنفسهم ويشتغلوا ويصبحوا في مجتمعاتهم فاعلين.
مثلما رأيتم في الفيلم، أنا أرسلت بناتي وأولادي إلى هذه الدول، ورجعوا صراحة وتفكيرهم مختلط، لأني أريدهم أن يروا بأنفسهم. فصارت روح التطوع الآن في الناس كلها، وأنا صراحة يسعدني أن تكون روح التطوع في هذا المجتمع الطيب.
الأمم المتحدة كانت تتكلم إنه في العام 2015 سيتم تعليم كل أطفال العالم تعليماً ابتدائياً، لكن عندما ننظر الآن لا أظن أن هذا سيحصل، ولكن لما رأيت هذه الحملة وهذا العطاء من هذا المجتمع صار عندي أمل بأنه لربما في السنين التي تلي سنتوصل إلى تعليم الجميع. وأنا أقول للأمم المتحدة: "اتبعونا، ونحن أمامكم في خدمة البشرية، فهذا الشيء يمكن المساعدة فيه، وسنصل إلى أرقام طيبة، والحمد لله أنا سعيد جداً بما حصل، وبالأرقام التي توصلنا إليها.
أود أن أشكركم جميعاً لما قمتم به كفريق عمل، مما أتاح لنا الفرصة لمساعدة وتعليم أولئك الملايين من البشر. الآن سوف يبدأ العمل، لأن أولئك الأطفال هم في حاجة ماسة، لذلك يجب أن نعمل كفريق ونبدأ.
أريد أن أخبركم عن العطاء والجوع، أذكر لكم قصة: عندما كنت طفلاً صغيراً كانت مدرستي قريبة من البيت، وكان بالقرب من المدرسة أنذاك إسطبل خيول لوالدي، ولأن الدوام المدرسي كان يبدأ مبكراً، فإن أمي كانت تعطينا خبزاً ملفوفاً في ورق لنأكله ونحن في الطريق إلى المدرسة.
كنت أذهب إلى الإسطبل حيث توجد مهرتي وأتفقد طعامها، ولان طعامنا كان أفضل منه، كنت أتقاسم طعامي معها؛ كنت أكل نصف الخبز وأعطيها النصف الآخر، وعندما يحين موعد الغداء كنت أشعر بالجوع، فانتظر أخي وأختي حتى ينتهيا من طعامهما لانقض على ما تبقى من طعامهما.
وبعد يومِ أو يومين، عندما فتحت الورقة وجدت قطعتين من الخبز، فشكرت الله، وقلت مادام الله أعطاني هاتين القطعتين، سأعطي المهرة قطعة، وأبقي على قطعة لي. لم أكن أعلم بأن أمي منحتني قطعتين بسبب أنها كانت تلاحظ ما كان يحدث معي.
قصة أخرى حول العطاء أود أن أخبركم بها: "في الزمن الماضي كانوا يتقاتلون بالسيف، وبعد انتهاء إحدى المعارك جاءت امرأة ومعها الماء لتسقي الجرحى الكثر، وعندما قصدت الجريح الأول نظر إلى الجريح الذي بجانبه ورفض الشرب، وقال أعطي الرجل الذي بجانبي لأن جراحه أعمق، وعندما ذهبت إلى الثاني قال لها كما قال الأول، ليحدث معها مع الجرحى الآخرين ما حدث معها مع الجريحين الأولين، وعندما عادت إلى الرجل الأول وجدته قد مات، وكذلك الثاني..". هذا هو الكرم والعطاء في الأيام الماضية، والآن أعطانا الله ويجب علينا أن نعطي بدورنا، مثلما يقول الشاعر:
الله أعطاك فابذل من عطيته فالمال عارية والعمر رحال
وسأسرد لكم قصة أخرى: "أنا هنا فقط لأشكركم، ليس مهماً من أعطى ومن لم يعطِ، هذا في ميزان حسناته، والحمد لله الذين قدموا أكثر من الذين تقاعسوا، وأنا هنا لا أقصد شخصاً بعينه، ولكن علي أن أقول لكم هذه القصة: "كان هناك تاجر صغير ساعده والدي وأصبح تاجراً كبيراً، وفي السنتين الماضيتين ساعدته وضاعفت له ثروته ثلاثة أضعاف، والآن يتغيب عن حملة دبي العطاء وهذا يرجع له، في المقابل، كان المواطن يوسف طالب ينوي الزواج، لكنه ألغى حفلة زفافه وتبرع بتكاليفها البالغة 150.000 درهم لمصلحة دبي العطاء.
يؤثر في من يعطي كل شيء، بينما تغيب الكثير.
على أية حال، لا أريد الاسترسال، أنتم تعرفون ما سأقول، وأود فقط أن أشكركم جزيل الشكر، لكنني أتساءل: كوني قائداً ودائماً في المقدمة، لماذا أنتظر ولم أقدم شيئاً إلى الآن؟! من يجيب عن هذا السؤال؟ مصبح، أنت معي في المكتب وتعرف، يمكنك الإجابة، أحمد.. محمد.. ببساطة لأنني أريد أن أضاعف ما تم جمعه.. شكراً.
نسيت شيئاً، نسيت أن أقرأ الخطاب.