EN
  • العربية
  • English

البحث شعبية

site logo

طموحاتنا للشرق الأوسط

13 يونيو، 2008
5 دقيقة قراءة
0:00
/

عندما يزور الرئيس الأميركي جورج بوش دبي غداً الاثنين، فإنه سيجد مدينة ضخمة لا مثيل لها، خرجت في قلب الصحراء العربية. في هذه المدينة تتردد على الألسن دعابة تصف الرافعات المنتشرة في مواقع البناء المختلفة بأنها "الطائر الوطني" للإمارة، كرمز يلخص النشاط الهندسي والمعماري الكبير الذي يتوزع على الإمارة بطولها وعرضها.

إننا أيضاً نعتزم مواصلة الاستثمار في الأسواق والأعمال المختلفة في الخارج، بما في ذلك المناطق المجاورة، حيث تتفاوت درجات التنمية والتطور إلى حد كبير.

إن خططنا لا يحركها الطموح، بل هي ضرورة. وعلينا أن ندرك أن 3% فقط من دخلنا يأتي من الصادرات التي تقوم على الاحتياطي المتضائل من النفط الخام، فيما تمثل السياحة 30% من الدخل، كما أن حصة متنامية تأتي من التصنيع وقطاعات أخرى كالضيافة والتكنولوجيا والنقل والمواصلات.

إن وصف الإمارة بـ "مؤسسة دبي" أو"دبي إنك" ـ كما يحلو ذلك للبعض ـ يوحي بأن التجارة وليس أي شيء آخر هي النزعة السائدة. نعم، هذا صحيح بطبيعة الحال، حيث إن دبي تمثل منذ قرون عدة ميناءً ومركزاً تجارياً مهماً، غير أن روح دبي ومزاجها قام ولا يزال على بناء الجسور مع العالم الخارجي.. وكان ولا يزال يتعلق بإرساء العلاقات والصلات مع الثقافات والحضارات المختلفة.

في طفولتي تعلمت مدى أهمية تأسيس اقتصاد قوي تقوم فيه الحكومة بتقديم الحوافز وتوفير بيئة تنظيمية تنبني على الأخلاقيات، وتركنا للقطاع الخاص بقدراته الابتكارية وطاقاته تسريع عجلة النمو الاقتصادي.

لقد تعلمت "رأسماليتي الخاصة" في أسواق دبي التقليدية وشوارعها. ولعل المسألة الرئيسية التي تعلمتها هي أن أسأل دائماً: كيف يمكن أن نصبح أدوات وعوامل للتغيير؟ وهذا هو السبب الذي يجعلني أفضل تسمية دبي "مؤسسة التحفيز" أو "دبي المحفزة إنك".

إننا نعيش في منطقة صعبة. ونحيا في دولة تحيط بها منذ عقود قضايا شائكة ـ الحرب العراقية ـ الإيرانية، غزو الكويت، والحرب الدائرة في العراق. لكن رغم ذلك كله، تعلمت دبي دائماً كيف تعيد تقديم نفسها على نحو مبتكر بحيث تتمكن من مجاراة الأوضاع.

ونحن نؤمن بأن المساعدة في بناء اقتصاد إقليمي قوي هي أفضل وسيلة لتحقيق استقرار اجتماعي دائم في الشرق الأوسط. لهذا السبب ندعم بقوة على سبيل المثال السوق الخليجية المشتركة التي انطلقت أول يناير الجاري، فهذه السوق ستؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من التكامل الاقتصادي الإقليمي وتعزيز المبادلات التجارية الخليجية واستخدام عملة مشتركة للدول الست التي يتألف منها مجلس التعاون الخليجي، وهي: البحرين، الكويت، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات.

وهناك المزيد من المبادرات في الطريق، كثير منها يهدف إلى ضمان الدفع الفوري للرواتب وتحسين ظروف العمل للعمالة الأجنبية غير الماهرة. وبينما لا توفر الرأسمالية دائماً مجتمعات متساوية، فإنني أعتقد أننا في دبي نبذل الجهد في محاولة لأن يعم الخير على الجميع عندما يتعلق الأمر بجني ثمار الرخاء.

كذلك أعتقد أننا في دبي نتعلم أيضاً من أخطائنا، وقد تعلمنا دروساً مهمة، كان أحدها ما حدث لموانئ دبي في الولايات المتحدة العام الماضي. إننا نحلل تجاربنا.

ونتبنى الآن أسلوباً أكثر تكاملاً وشمولية عند التعامل مع الاستثمارات العالمية. ونحن نتمهل ونستغرق الوقت الكافي لتحليل الآفاق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ونحدد المساهمين للتعرف عليهم ثم نمهد الطريق بحرص كبير حتى نضمن التعامل الصحيح مع كل الأطراف. وإذا ما نشأت أية مشكلة، فإننا نجد طريقة لمخاطبتها والتعامل معها.

وعندما حدثت معارضة لاستثمارنا في بورصات أوروبية، استمعنا جيداً للحجج المختلفة، ومن ثم دخلنا في مفاوضات ناجحة للبحث عن حل للوضع. وكما هي الحال مع الرؤساء التنفيذيين في مجالس إدارات الشركات، يحتاج قادة الدول للعمل بصورة تعاونية جماعية لتحقيق النجاح.

إن المنطقة عليها أن تدرك مجدداً مدى حاجتها لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وليس لها أن تنتظر زيارة من الرئيس الأميركي الداعم للرأسمالية، فعندما ننظر إلى المنطقة، نجد فيها أجزاء متأخرة عند مقارنتها ببقاع العالم الأخرى، وذلك عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد والتجارة والتنمية الاجتماعية. إننا نريد لهذه الأجزاء الأقل تطوراً في المنطقة أن تكون مثل أوروبا، اليابان، سنغافورة وبقية دول العالم الصناعي.

إن منطقتنا يعيش فيها قرابة 1.5 مليار نسمة، وأكثر من نصف هؤلاء دون سن الـ 25. وفي العالم العربي وحده، هناك نحو 80 مليون شاب يبحثون عن عمل من بين إجمالي عدد السكان الذي يصل إلى 300 مليون نسمة.

إنني أنظر إلى هؤلاء الشباب باعتبارهم مصادر غير عادية لبناء الأمة. فإذا استطعنا أن ننقل رؤيتنا خارج إطار دبي، فأعتقد أن بمقدورنا أن ننقذ الكثير من هؤلاء الشباب من البطالة المهينة ومن أن يقعوا في براثن التطرف.

إن التعليم وفرص العمل هما الركيزتان المتلازمتان لبناء عالم أكثر أمناً. ومن خلال توفيرهما، سيكون لدينا عدد أقل من الشباب الغاضب.. عدد أقل من الشباب المحبط والمستعد لتبني الأفكار الراديكالية ماداموا لم يجدوا ملاذاً آخر يلجأون إليه.

إنني كثيراً ما يطرح عليّ هذا السؤال: ما الذي تريده دبي؟ حسناً، هاكم إجابتي: إن ما نريده مواصلة الرحلة التي بدأها الأجداد. وكلي قناعة بأن البشر يمتلكون داخلهم قدرة هائلة على التغيير.
 
بقلم: محمد بن راشد آل مكتوم

الأحد 13 يناير 2008